الفاعوري يكتب :الأردن بين نيران الاستهداف الخارجي وخيانات الداخل

قاف الاخباري _ ماجد الفاعوري
يواجه الأردن اليوم مرحلة فارقة من تاريخه، تقف فيها الدولة على خط المواجهة مع قوى دولية وإقليمية تسعى لتفكيكه وإسقاطه، لا طمعاً في خيراته المحدودة فحسب، بل تمهيداً لتحويله إلى “الوطن البديل” للفلسطينيين، وإغلاق ملف القضية الفلسطينية لصالح المشروع الصهيوني. الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة وعدد من الأنظمة الصيوعربية متورطون بشكل مباشر أو غير مباشر في هذا المخطط، الذي يعتمد على أدوات متعددة، تبدأ بالاستهداف العسكري والإلكتروني، ولا تنتهي بالضغط السياسي والاقتصادي والتشويه
من جهة، تتعرض البنية السيبرانية الأردنية لمحاولات اختراق متواصلة من جهات مدعومة استخباراتياً بهدف شل قدرة الدولة على الصمود وتعطيل وظائفها الحيوية، ومن جهة أخرى هناك محاولات مستمرة لتوريط الأردن في صراعات لا ناقة له فيها ولا جمل، عبر إشعال الحدود، وتهديد الأمن الداخلي، وضرب الحاضنة الشعبية الوطنية التي لطالما كانت الدرع الأول في وجه الفتن.
وفي ظل هذا الحصار غير المعلن، يختار البعض من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، بحسن نية أو بسوء نية، أن يتحولوا إلى أدوات للهدم، لا للبناء. يبثون الفرقة، يزرعون الشك في مؤسسات الدولة، يشككون في كل قرار سياسي مهما كانت دوافعه وطنية، يصفون القيادة بالخيانة، والقرارات بالعمالة، وهم في الحقيقة يجهلون أو يتجاهلون أن هذه القيادة – رغم الضغوط الهائلة – تحاول الحفاظ على هذا الوطن من الذوبان في محيط متآمر، وتحاول الصمود أمام واقع عربي تسوده الخيانة أكثر من الأخوّة.
إن الدولة الأردنية لم تكن يوماً مثالية أو خالية من الأخطاء، ولكن ما يجب فهمه هو أن القرار السياسي في هذه اللحظة المصيرية، مبني على معادلة صعبة، تحاول تحقيق أكبر قدر من المكاسب بأقل الأثمان، وتحاول حماية الشعب ومقدرات البلد الذي بُني بدماء الشهداء، لا بمجرد الشعارات.
نحن اليوم لا نواجه فقط الكيان الصهيوني بل نواجه أيضاً صهاينة عرب باعوا أنفسهم، ونتصدى لمحاور إيرانية تخترق وتوظف فئات معينة لنشر الفوضى، ونقف في وجه متخلفين عقلياً يتحدثون باسم الوطنية، وهم أول من يخونها. إن المعركة اليوم هي معركة وجود وهوية وكرامة، وعلى كل وطني حر أن يعرف عدوه جيداً، وأن يدرك أن صموده مع دولته، هو خط الدفاع الأخير قبل السقوط الكامل.
فليصمت كل مأجور، وليتوقف كل جاهل عن بث السموم، فقد آن أوان الاصطفاف خلف الوطن، لا الاصطفاف ضده.