في مهب الوسيلة – الوطني والمتدين على طريق واحد

قاف الاخباري _ ماجد الفاعوري _عمان 10 نيسان 2025
في عالم يتداخل فيه المعنى بالهوية ويتشابك فيه الإيمان بالانتماء نجد أنفسنا أمام مشهد فريد يتقاطع فيه الوطني والمتدين على ذات الوسيلة لا هي وسيلة مواصلات مادية بل وسيلة وجودية تلك التي يركبها الإنسان باحثًا عن معنى في وطن يحتضنه ودين يهديه وبين الإثنين تقف الذات حائرة أيّهما كان أولى بركوب المقعد الأمامي
الوطني هو ذاك الذي يحب أرضه حبًّا لا مشروطًا يتنفس ترابها وكأنّه نشيد الصباح يعبر عن وطنه لا من منطلق شعار بل من منطلق شعور وفي ذلك يقول غاندي
“وطني هو كلّ مكان أستطيع أن أرفع فيه رأسي عاليًا دون أن أخجل من كرامتي”
أما المتدين فهو المؤمن لا بالضرورة المتشدد بل ذاك الذي يرى في دينه سلّمًا يرتقي به نحو قيم العدل والرحمة والصدق يعيش دينه لا كواجهة بل كبوصلة وفي هذا يقول نجيب محفوظ
“الدين الحقيقي ليس ما نراه على الوجوه بل ما نراه في المواقف”
وفي هذا السياق قال سمو الأمير الحسن بن طلال قولًا بليغًا حين خاطب التناقض الموهوم بين الانتماء الوطني والديني فقال
“ليس هناك تعارض بين الإيمان الصادق والانتماء للوطن، فالدين والوطنية لا يتنافيان بل يتكاملان لخدمة الإنسان وكرامته”
غير أن التحدّي يكمن حين نجد الإثنين يتسابقان على وسيلة واحدة وسيلة تمثيل الإنسان الصالح المواطن المثالي فيدّعي البعض أن الوطني أولى لأنه يضحي لأجل الوطن ويرى آخرون أن المتدين أولى لأنه يستمد أخلاقه من الوحي وهنا يغيب سؤال مهم لماذا لا يكون الإثنان وجهين لعملة واحدة؟
يقول المفكر محمد عبده
“إنّما الدّين لله والوطن للجميع”
وهي مقولة تختصر الكثير ففي كلّ من الوطني والمتدين نزعة نحو الخير نحو البناء لا الهدم لكن الأزمة تنشأ حين يتحوّل التدين إلى سلاح إقصاء أو تتحول الوطنية إلى مطية استعلاء
وقد عبّر الملك عبدالله الثاني عن هذا التوازن برؤية جامعة حين قال
“الدين الحقيقي لا يدعو إلى الكراهية أو العنف، بل هو رسالة محبة وسلام، وكذلك الوطنية الحقة لا تعني الانغلاق أو رفض الآخر، بل العمل من أجل الخير العام والمصلحة المشتركة”
بل إن جلالة الملك الحسين بن طلال، طيّب الله ثراه، أوجز العلاقة بين الإيمان والعمل في إطار الوطن حين قال
“الإنسان المؤمن هو الذي يحب وطنه ويعمل من أجل رفعته، ويؤمن أن خدمة الناس جزء من الإيمان بالله”
في الحقيقة المواطن الحق هو من أحب وطنه بإخلاص وسعى لإعماره لا بالرايات بل بالفعل وهو ذاته المؤمن الحق الذي عرف ربه فعرف قيمة خلقه فلم يهن أحدًا ولم يظلم أحدًا فالفرق بين الوطني والمتدين ليس صراعًا بل تكامل في نفس المركبة التي تسير بنا جميعًا نحو غدٍ نرجو أن يكون أجمل
فالانتماء للوطن لا يناقض الانتماء للسماء وما أجمل أن يلتقيا في قلب إنسان واحد
من قال ان مزمار الحي لايطرب لم يعرف الماجد الاردني ،، يطربني المثقف الاردن